السبت، 14 سبتمبر 2013
3:25 ص

الموت وعجائبه وغرائب دفن الموتى

 
لكل أمة عادات وتقاليد بها وخاصة فيما يتعلق بالموت ودفن الموتى بل أن تلك التقاليد والعادات تختلف باختلاف الموت والأقاليم والقبائل . . وهي رغم رهبتها واحترامها إلا أنها قد تدعو للضحك والاستهجان أحياناً لما تحمله من أوهام وخيالات وتقاليد غريبة . ففي بعض أنحاء اليونان يوضع الميت في نعش مكشوف وعليه أفخر الثياب ويسيرون به في الشوارع بهذه الصورة الغريبة . ( صورة 114 عرض جثة لميت على نعش مكشوف ) وفي مدينة بالرمو الإيطالية توجد مدافن توضع فيها الجثث معلقة على الجدران بدلاً من وضعهم في نعوش ودفنهم تحت الأرض . وكان قدماء الآشوريين والمصريين يدفنون في قبر الميت جميع الأشياء التي كان يستعملها في حياته اعتقاداً منهم أن سيحتاجها في قبره بعد موته . وجاء في تاريخ هيروديت أن شعوب السين كانوا حينما يموت أحدهم يذبحون على قبره نساءه وعبيده وخيوله وجماله وكل ماشيته ليتمتع بها الميت في الآخرة كما كان يتمتع به أثناء حياته . أما الهنود الحمر في أمريكا فإنهم يقطعون رأس الميت ويضعونه تحت أشعة الشمس ويتركونه معرضاً لأشعتها إلى أن يجّف ويصغر حجمه بحيث يصبح بحجم البرتقالة ثم يحتفظون به في منازلهم كتعويذة تقيهم من الشرور وتدفع عنهم الأذى والخطر . وكانوا في الهند يحرقون المرأة بعد أن يحرقوا جثة زوجها ولكن بمرور الزمن أخذوا يحرقون الميت ويبقون على زوجته . وفي داهومي كان الحرس الملكي يقتل آلافاً من الناس ويصب دمائهم على قبر الملك بعد دفنه . أما في بعض الأقطار الأفريقية فكانوا يذبحون المئات من العبيد ويضعون دمائهم في وعاء كبير ويغمسون جثة الملك في تلك الدماء ويتركونها بضعة أيام إلى أن تجف الدماء وتتجمد على الجثة فيدفعونها بعد ذلك في مغارات محفورة في الصخر . كما أن في بعض القبائل يذبحون البنات على قبر الأخ إذا مات قبلهن لأن باعتقادهم أنه لا يجوز للأخ أن يسبق أخته إلى العالم الآخر . وعند بعض القبائل الأفريقية أيضاً حينما يموت كبير منهم تترك جثته يومان كاملان في كوخ مغلق لكي تتمكن روح الميت الراحل من التعرف إلى أرواح الأقارب والأصدقاء في العالم الآخر ، وفي اليوم الثالث يدخل أهل الميت ويقيمون الصلاة أمام الجثة ثم ينزعون عنها ثيابها ويخرجون إلى الساحة ويضعونها على الأرض معروضة للأنظار وتقام حولها المراسيم التقليدية من صلاة ورقص وغناء ثم يلبسونه أفخر الثياب ويحملونه على الأكتاف ويسيرون به وسط الأهازيج والأناشيد إلى مقره الأخير وهو عبارة عن مغارة عميقة وضعت فيها جميع الآنية التي كان يستعملها الميت في حياته وفرائه وسلاحه كما يضعون أطباق الطعام والماء والخمر المعّتق والأثمار الناضجة أمامه . وتتقدم النساء وهنّ يلبسنّ أفخر الثياب ويجلسن حول جثة الفقيد نادبات باكيات بعدهنّ يتقدم عشرة من العبيد لمرافقة الميت في سفره ويغلق على هؤلاء التعساء باب المغارة ليموتوا داخل القبر أشنع ميتة. والزنجي العظيم الذي يموت لا يرحل إلى العالم الآخر إلاّ ويأخذ معه عشرة نساء وعشرة رجال على أقل تقدير ، وتظل المناحة حول المغارة سنة كاملة بين اللطم على الرؤوس والخدود والصدور منشدين أناشيد الحزن وصلاة الكهنة بصوت عالٍ. وفي بعض القبائل الأفريقية إذا كان الميت ملكاً أو أميراً لابد أن يخلفه أحد على العرش ولا يتم ذلك إلاّ بعد ثمانية عشر شهراً من وفاة الميت ، وعندها تقام حفلة على باب المغارة لينادي بوارث العرش ، وإذا كان للملك الراحل بنات فإنهن يصبحن زوجات لمن يخلفه بغض النظر إن كان ابنه أو أخوه . بحكم شريعتهم . ( صورة 115 ) نساء يندبن بطريقة الرقص ويظهر رأس العصا بيد النادبة على شكل جمجمة . وعندما ينادي بالوارث ملكاً يذبح على جانب المغارة مائة بقرة توزع لحومها على الفقراء والمعوزين من أهالي القبيلة .. ( صورة 116 مدافن عادية إذ تدفن الجثث فيها بعد الموت مباشرة ) . ( صورة 117 بعض الطقوس المتبعة أثناء دفن أحد الموتى ) . ( صورة 118 الاستعداد للصلوات التي تؤدي لدى وفاة أحدهم ) . وفي بعض أنحاء آسيا توضع جثث الموتى في برج يقال له برج الموت وتجرد من ثيابها لكي تلتهمها الطيور الجارحة . أما الوثنيون فإنهم منذ القدم يحرقون جثث الموتى أو يضعون في الماء الغالي ثم يلقونها طعاماً للحيوانات المفترسة ، ومن هؤلاء الرومان واليونان . ولا يزال سكان الهند إلى يومنا هذا يسيرون على هذه القاعدة فيحرقون أمواتهم بعد وضع جثثهم على كومات من الحطب في الميادين وعلى أبواب الهياكل . ويعمد بعض الأوروبيين بكتابة وصيتهم لأن تحرق جثثهم بعد موتهم وتنثر بقاياها في الهواء لكي لا يظل منها أثر . وفي بعض أنحاء الصين وغيرها من الأقطار الآسيوية النائية تقع الجثث إرباً وتلقى قطعها فوق الجبل طعام للجوارح ، ويظل رقيب من أهل الميت جالساً على مقربة من المكان لكي يتأكد من أن الطيور قد التهمت الجثة فيذهب إلى أهل الميت ليبشرهم فيفرحون ويرقصون ويغنون ظانين أن الطيور إذا التهمت الميت فلأنه كان رجلاً صالحاً . والطريف الغريب في آن واحد أن تقطيع الجثث إرباً فوق الجبال يجعل دم الميت يجمد على أصابع الذين يقومون بهذه العملية الهمجية ولا يجوز لهم أن يغسلوا أصابعهم من الدماء إلا بعد انقضاء أسبوع كامل على موت الرجل . وفي جزيرة مالي كانوا يحرقون الأموات بالجملة في يوم معين من السنة وهو (موسم الأموات ) كما يسمونه وذلك لأن الجثث تدفن في صناديق محكمة الأقفال تفتح جميعها في هذا الموسم وتوضع الجثث كتلة بعد كتلة فوق المحارق المشادة لهذا الغرض في الطرق والميادين وأما أبواب المعابد وتضرم النار فيها فتندلع ألسنتها لتلتهم أولئك الموتى . والعظماء منهم يوضعون في صناديق مصنوعة من خشب ثمين وفوق محارق خاصة تقام لهم دون سواهم بينما عامة الشعب يوضعون في صناديق حقيرة من الخشب العادي ، وإذا كان الميت من حكام البلاد فإنه يوضع في صندوق من اثمن الأخشاب ويحرق بمحرقة خاصة داخل المعبد ولا يحق لأحد رؤيته عدا الكهنة وعائلته فقط . أما في الإسكيمو فيربطون الميت بالحبال ويعيدونه إلى الحالة التي كان فيها قبل أن يخرج من بطن أمه ، والغريب أن أهل الميت يربطون الجثة قبل أن يفارق الميت الحياة . أما في غابات الأمازون فتعيش قبائل متوحشة فحينما يموت أحد منهم يقيمون الأفراح بدلاً من الأتراح ويحملون الجثة وسط الأهازيج والرقص والغناء إلى خارج الدار ويضعونها في وعاء كبير ويطبخونها ثم يقطعونها إرباً ويأكلونها . وتعتبر من الولائم النادرة الفاخرة التي يتوافدون عليها من جميع الأنحاء لأكل الجثة لاعتقادهم أن ذلك ضمان لراحته في الآخرة ، وكثيراً ما يرسل أهل الميت إلى الأهل والأصدقاء والوجهاء وكبار القوم لتشريفهم بأكل ميتهم . وفي بعض أنحاء استراليا يأكلون جثة الميت أيضاً معتقدين بأنهم يلتهمون خواص روحه ويكتسبون لأنفسهم المزايا والفضائل التي كان يتحلى بها " الميت " قبل موته . وفي استراليا أيضاً حين يموت الطفل الصغير فإن أمه لا تدفنه تحت التراب بل تحتفظ بجثته في بيتها بعد أن تربطها ربطاً محكماً وتضع عليه الأعشاب والرياحين والغصون الخضراء وتتركها إلى أن تبلى الجثة ولا يبقى منها غير الهيكل العظمى لطفلها وعندها تخرج الأم الحزينة من دارها حاملة بين يديها هيكل طفلها وتلحق بها نساء الحي وتدفن الهيكل العظمي في موكب كبير لا تمشي فيه غير النساء . أما إذا مات زعيم من زعماء تلك القبائل الأسترالية فإنه لا يدفن تحت التراب بل تعلق جثته في غصون الأشجار لكي لا تأكلها الطيور ويظل الزعيم ماثلاً أمام أعينهم وينظر الناس إليه بخشوع واحترام أو يقتربون منه للتبرك وتقبيل عظامه المجردة من اللحم . وهناك مقابر في بلاد التبت تدعى المقابر الهوائية فالجثث تحفظ لفترة من الوقت لكي يفسح لها أعمال تقمص الأرواح ومن ثم تحرق أو تلقى للعقبان .


قولوا الحمد لله على نعمة الاسلام

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.